مقالة حول:
هل الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية أم فردية و ذاتية؟
للسنة الثالثة ثانوي
شعبة آداب و فلسفة
إعداد الأستاذ صوالحي
- السؤال: هل الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية أم فردية و ذاتية ؟
* الأسئلة المشابهة :
- قيل : "إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر" حلل و ناقش
- قيل :" لو كان الإنسان وحيدا لما كانت له ذاكرة و ما كان بحاجة إليها " حلل و ناقش
- قيل : " إذا تكلم الضمير الفردي فإن المجتمع هو الذي يتكلم " حلل و ناقش
* المقدمة :
ينفرد الإنسان عن غيره من المخلوقات بجملة من الملكات الذهنية التي تساعده على تحصيل المعرفة و تحقيق التكيف مع العالم الخارجي ومن بين هذه الملكات الذهنية نجد الذاكرة التي تقوم بحفظ صور الوقائع الماضية واسترجاعها في الحاضر مع الوعي بها من حيث هي وقائع ماضية ونظرا للأهمية التي تكتسيها الذاكرة لدى الإنسان فقد حضيت باهتمام العديد من المفكرين و الفلاسفة وعلماء النفس نتج بشأنها اختلاف في المواقف وتباين في التصورات لاسيما حيال تفسير طبيعتها إذ يعتقد البعض بأن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية في حين يرى آخرون بأنها تعود إلى فاعلية الفرد و إمكاناته الذاتية وفي ظل هذا الجدل القائم يثار التساؤل التالي : ما طبيعة الذاكرة ؟ هل هي ظاهرة إجتماعية أم ظاهرة فردية و ذاتية ؟
* العرض: ( محاولة حل المشكلة ) :
1 - عرض الأطروحة : يرى أنصار النظرية الإجتماعية و في مقدمتهم موريس هالفاكس ، إميل دور كايم و بيار جاني بأن ذكرياتنا ليست حوادث نفسية محضة أو مادية ترتبط بالدماغ و إنما هي معطى إجتماعي و تتشكل داخل الأطر الإجتماعية و بذلك فإن الذاكرة وظيفة ذات طابع إجتماعي و ليس للفرد أي إرادة ذاتية في عملية التذكر إلا بوجود الجماعة
و يستند أنصار هذا الإتجاه في تبرير موقفهم على الحجج التالية :
إذ يؤكد علماء الإجتماع بأن الفرد عضو في المجتمع و لا يمكنه أن يكون بمعزل عن تفاعله مع غيره فهو يكتسب من خلاله التصورات و الأفكار و القيم ... و بالتالي فذكريات الفرد تتكون في إطار المجتمع و أن ذكريات هذا الفرد يشاركه فيها أفراد المجتمع الذي ينتمي إليه و الذي يقدم له في كل لحظة الوسائل التي يستعيد بها ذكرياته شريطة أن يلتفت إلى هذه الجماعات يقول هالفاكس في هذا الصدد : " الجماعات التي أنا جزء منها تقدم لي في كل آن الوسائل الكفيلة بإعادة ترتيب هذه الذكريات "
و يرى هالفاكس أن الغير هو الذي يدفعنا إلى تذكر الحوادث التي إشترك معنا فيها ( في الأسرة ، المدرسة ، الشارع ... ) و كل ما نتذكره و نسترجعه من ذكريات فإن المجتمع هو الذي يذكرنا به و ذلك لأن الذكريات في أصلها كانت إجتماعية ومشتركة بين الأفراد فماضي الفرد في الواقع هو ماضي الجماعة لهذا فإننا لا نحتفظ به في ذاكرتنا الفردية إنما نحتفظ به في ذاكرة الجماعة مثال ذلك فالمجاهد الذي عايش أحداث الثورة الجزائرية فإنه في حاجة إلى غيره ( الجماعة ) لكي يتذكر هذه الأحداث بدليل أن الشعب الجزائري فإذا إحتفل بها فإنه يتذكر ذلك يقول هالفاكس في هذا : "إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر لأن ذاكرته تساعد ذاكرتي كما أن ذاكرتي تعتمد على ذاكرته "
فالذاكرة برأي المدرسة الإجتماعية عبارة عن إدراكات مشتركة بين الأفراد المنتمين لنفس الجماعة و عملية التذكر تنطلق من المعارف و المفاهيم المشتركة بين الأفراد و من تجاربهم قصد إستعادة أحوالهم وأعمالهم الماضية ، بواسطة أطر كاللغة و الفكر ، و كذا الحوادث الإجتماعية كالأعياد و المناسبات و العادات و التقاليد ... و هي التي تجعل الفرد يكتسب من خلالها أفكاره و تصوراته و معتقداته و تقاليده حيث يقول هالفاكس في هذا : وفعلا فما دامت الذكرى تعيد إدراكا جماعيا فإنها في حد ذاتها لا يمكن أن تكون إلا جماعية ، و يكون من غير الممكن للفرد المقتصر على قواه فقط أن يتصور من جديد ما لم يتمكن من تصوره أول مرة إلا بالإعتماد على فكر زمرته "
هذا و يرى " بيار جاني " أنه لا يمكن أن نبحث عن ذاكرة منشؤها الفرد فالذاكرة هي ذاكرة الزمرة الأسرة و الجماعة و الطبقة الإجتماعية لأن الإنسان يعيش ماضيه المشترك مع الجماعة فالفرد لا يستطيع أن يتذكر بمفرده و إنما هو مفروض عليه من طرف المجتمع يقول بيار جاني : " لو كان الإنسان وحيدا لما كانت له ذاكرة و ما كان بحاجة إليها "
ويرى دوركايم أن المجتمع يمثل السلطة القهرية و الجبرية المتعالية على الأفراد لأنها ناتجة عن الضمير الجمعي و في هذا يقول : " إذا تكلم الضمير الفردي فإن المجتمع هو الذي يتكلم " فنحن نتذكر المناسبات الوطنية.
- النقد : صحيح أن للمجتمع دور في عملية إسترجاع الذكريات لكن التسليم بمطلقية القول فيه تقليل من شأن الإنسان و قدراته الذاتية ، كما أن الفرد قد يتذكر الحوادث الشخصية الخاصة به ( الأسرار ) دون أن يذكر بها المجتمع و مهما كان دور المجتمع فهو محدود ، ثم أنه لو كانت الذاكرة جماعية لتطابقت ذاكرة أفراد المجتمع الواحد و هذا ما ينفيه الواقع و لماذا ننتقي أحيانا بعض الخبرات دون غيرها أليس لأسباب ذاتية كالميل أو الرغبة ؟ و عليه يبدو أن النظرية الإجتماعية أخلطت بين الذاكرة و العوامل المساعدة على التذكر.
2 - عرض نقيض الأطروحة :
على خلاف الموقف الأول ترى النظريتين المادية و النفسية بأن الذاكرة ليست ذات طبيعة إجتماعية و إنما هي ظاهرة فردية وذاتية
إذ يرى أنصار النظرية المادية وفي مقدمتهم تيودول ريبو ورونيه ديكارت وتين بأن الذاكرة ظاهرة فردية وذاتية و لكنها ذات طبيعة مادية خالصة فهي لا تختلف في وظائفها عن وظائف الظواهر الفيزيائية فهي تمتلك خاصية القابلية للاحتفاظ بآثار الذكريات المسجلة في خلايا الدماغ مثلما تمتلك قطعة الحديد خاصية الانصهار والتمدد والورقة خاصية القابلية للانثناء والطي فالذاكرة في نظرهم تابعة للجسم من اختصاص الدماغ فهي وظيفة يقوم بها الجهاز العصبي وبالتالي فالذكريات هي عبارة آثار مادية مخزنة في خلايا القشرة الدماغية بفعل التكرار إذ يمكن إثارتها مرة أخرى بفعل منبهات الحاضر ( كلمة ، إشارة ، صورة، فكرة ، مكان ... ) وفي هذا يقول ريبو: '' إن الذكريات تخزن في الدماغ وان كل خلية تخزن معلومة معينة " فالمناطق الدماغية في نظر ريبو تتلقى المعلومات عن طريق حاسة السمع فتحفظ بسرعة لكنها عرضة للنسيان بسهولة وإذا أراد الإنسان أن يثبتها أكثر لابد وأن ينقلها إلى مايعرف بالذاكرة قصيرة المدى بفضل الانتباه والتركيز (الوعي) تحفظها لمدة قصيرة وعن طريق التكرار تنقل إلى ذاكرة طويلة المدى وتنقش على الدماغ فتترك آثارا فيه
وهذا مانجده أيضا عند ابن سينا الذي قال : " إنها قوة محلها التجويف الأخير من الدماغ من شأنها حفظ ما يدركه الوهم من المعاني الجزئية " فنجده يقسم تجاويف الدماغ إلى ثلاث مناطق مقدم وأوسط ومؤخر ، الأول مسؤول عن حفظ صور الأشياء الحسية والأخير يحتفظ بمعاني تلك الصور أي بالذكريات فوظيفة الذاكرة بهذا المعنى هي الحفظ والتذكر
وهذا الرأي أيضا نجده عند رونيه ديكارت الذي يقول : " إن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم " والمقصود بذلك هو الدماغ وهذا ما عبر عنه تين بقوله : " المخ وعاء لحفظ الذكريات " وبحسبه أيضا (تين) بأن الذكريات محفوظة في الدماغ كما تحفظ الموسيقى في الأسطوانة وأي تلف مادي يصيب الأسطوانة يتلف المعلومات المحفوظة بها والأمر نفسه ينطبق على الذاكرة فإصابة أي جزء من الدماغ سيؤدي إلى تلف كلي أو جزئي لبعض الذكريات .
ويستند أنصار هذا الاتجاه في تبرير موقفهم على الحجج التالية :
الحجة الأولى : توصل ريبو إلى أن إتلاف خلايا الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة إلى فقدان جزئي أو كلي للذاكرة وهذا من خلال استناده إلى أعمال وتجارب دولاي عن الفتاة التي أصيبت برصاصة في منطقة الفص الجداري الأيمن (منطقة من الدماغ) نتج عن ذلك فقدانها للمعرفة الحسية اللمسية في الجهة اليسرى فبعد تعصيب عينيها وضع في يدها اليسرى مشط فوصفت جميع أجزائه إلا أنها لم تستطع التعرف عليه وهذا يعني أنها فقدت ذكرى المشط.
الحجة الثانية : كما استند ريبو إلى التجربة التي قام بها الجراح الفرنسي جورج بروكا على أحد الحيوانات حينما قام بتخريب منطقة في دماغ الحيوان مسؤولة عن حفظ الذكريات وتثبت تجارب بروكا أن نزيفا دمويا في منطقة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية للدماغ يولد مرض الحبسة ( وهو مرض يفقد صاحبه قوة الكلام من غير أن يكون هنالك خلل في أعضاء الصوت ) وأن فساد التلفيف الثاني من يسار الناحية الجدارية يولد العمى اللفظي ( وهو عدم فهم معاني الكلمات ) وبهذا فان الدماغ عند ريبو وعاء للذكريات وأن هذه الأخيرة تشبه الأفعال الآلية أي العادة وهنا يقول : " إن الذكريات الراسخة هي الذكريات التي استفادت من التكرار".
الحجة الثالثة : كما أن الذاكرة ذات أصول مادية مرتبطة بالأجهزة العضوية والدليل على ذلك أن الذاكرة تتعدد بتعدد الحواس إذ هناك ذاكرة بصرية وذاكرة سمعية وذاكرة ذوقية ....الخ
الحجة الرابعة : وتثبت التجربة أن اختلال الهضم ودوران الدم والتنفس يؤثر على التذكر إذ هناك بعض المواد المهيجة للجملة العصبية أو المسكنة تنبه الذاكرة أو تضعفها فتناول بعض الأغذية يساعد على تنشيط القدرة على استرجاع الذكريات كتناول السمك الغني بالبروتين أو الموز أو العسل...وهذا ما أثبته العلم الحديث.
الحجة الخامسة : كما اعتمد ريبو على حجة واقعية فالواقع يدل على أن الأشخاص المسنين يجدون صعوبة في استرجاع ذكرياتهم الماضية نتيجة موت خلايا القشرة الدماغية لديهم
* بينما أنصار النظرية النفسية وفي مقدمتهم الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون يرون بأن الذاكرة ظاهرة فردية و ذاتية و لكنها ترجع إلى خصائص شعورية نفسية فهي عملية نفسية واعية قوامها الشعور وهو ما يجعلها جوهر روحي محض ، حيث يرى برغسون أن الاحتفاظ بالماضي يتم وفق صورتين مختلفتين جوهريا فقد يكون في صورة آلية مخزونة في الجسم وقد يكون في صورة ذكريات نفسية مستقلة عن الدماغ وتسمى طريقة الاحتفاظ الأولى بذاكرة العادة وهي ذاكرة بيولوجية حركية تقوم على أساس البدن و تأخذ شكل عادات آلية تم اكتسابها عن طريق التكرار كالحفظ عن ظهر قلب وأما الصنف الثاني فيسميه برغسون بذاكرة الذاكرة أو الذاكرة النفسية الشعورية وهي ذاكرة نفسية ذات طبيعة روحية مستقلة تماما عن الجسم والدماغ فتقوم بتصوير الماضي واستحضاره بدون إعادة أو تكرار فهي تنقله إلينا في صورة حالات نفسية ومثالها أن حفظ درس يتطلب تكراره عدة مرات بواسطة التسميع الذاتي والتكرار يكسب عادات حركية تساعد على انطباع الدرس في الذهن واسترجاعه يتم بواسطة تلك العادات الحركية غير أن محاولة استرجاع الطريقة التي تم الحفظ بواسطتها وما صاحب ذلك من ملابسات كالقراءة الأولى نوع الخط الذي كتب به الدرس مكان الحفظ ...الخ هي عملية نفسية ولا تتم بواسطة الآليات الحركية لأن الذاكرة الحركية تعتمد على التكرار أما الذاكرة النفسية فهي نوع من التصور قائم في الزمان وبهذا فالعادة جسمية والذاكرة نفسية ، ويحكم برغسون أن الذاكرة الحقيقية هي الذاكرة النفسية وليست ذاكرة العادة ومنه لما كانت ذاكرة الذاكرة مرتبطة بالشعور والنفس فلابد أن تكون ذو طبيعة نفسية روحية خالصة لا علاقة لها بالجسد المادي حيث يقول :" إن الشعور إنما يعني أولا وبالذات الذاكرة " وهذا ما أغفل عنه أصحاب التفسير المادي للذاكرة لأنهم أخلطوا بين النوعين السابقين واكتفوا بالذاكرة الحركية مهملين الذاكرة النفسية الأهم منها ، ويثبت برغسون هذا التمييز من خلال مقارنته بين خصائص كل نوع فالإصابات الدماغية في الجهاز العصبي لها تأثير على الآليات الدماغية التي تحفظ ذاكرة العادة بينما ليس لها أي أثر على الذكريات النفسية كما أن الاكتساب في النوع الأول يكون بالتدريج والتكرار أما الاكتساب في الثانية فيكون دفعة واحدة و بدون تكرار مثل إدراكنا لحادث مرور مروع ماضي فلا يستدعي تكراره كي يكتسب كذلك قدرة استرجاع ذاكرة العادة مرهونة بمدى تكرارها لهذا يعمد التلميذ أثناء تحضيره لشهادة البكالوريا إلى تكرار المراجعة حتى يتمكن من استرجاعها يوم الامتحان بينما استرجاع الذكريات على مستوى الذاكرة النفسية مشروط بمدى تأثيرها على نفس الإنسان ودرجة الألم أو اللذة التي تخلفها الحادثة ، و من هنا يبدوا الفرق بين هذين النوعين واضحا و هو ما أخفله التفسير المادي الذي ينطبق على النوع الأول فقط بينما حقيقة الذاكرة و جوهرها هو النوع الثاني أي الذاكرة النفسية التي ترتبط بالنفس والشعور وهو ما جعل برغسون لا يميز بين الذاكرة والشعور حيث يقول: " إن الشعور هو ذاكرة أعني أنه حفظ للماضي في الحاضر وتجمع للماضي في الحاضر"
و عليه فالذاكرة بالنسبة لبرغسون ما هي إلا استيقاظ الشعور من جديد و إحياء للماضي فالذكريات في نظر برغسون موجودة في الفكر ( الأنا العميق ) لذا يقول ڨرنيي : " لما نتذكر ما فعلناه فنحن نراه ونعيشه ونكون في الماضي الذي ندركه بدون واسطة" ويبرر برغسون تفسيره لعملية التذكر بجملة من المبررات المبنية على انتقاده لنظرية ريبو فالدماغ في نظر برغسون أداة لاستحضار الذكريات وليس للاحتفاظ بها وبالتالي إصابة في الدماغ لا يؤدي إلى زوال الذكريات بل إلى ضعف التذكر، و فقدان التذكر في نظر برغسون راجع إلى عدم الإرادة في الاسترجاع و ليس فقدان و زوال الذكريات لأن الذكريات التي لا تظهر موجودة في اللاشعور والذكريات التي تظهر موجودة في الشعور.
* النقد : على الرغم من أهمية العوامل العضوية و النفسية في حفظ الذكريات إلا أننا قد نعجز عن إستحضار الماضي و إعادة بناءه لذلك لا بد من الإستعانة بالمحيط الإجتماعي في ذلك فالتفسير المادي سطحي و ساذج فالذكرى قبل أن تكون ذكرى كانت عبارة عن حالة شعورية عاشها الإنسان في الماضي و عليه لا يمكن القول بأن هذه الحالة الشعورية تتحول إلى حالة مادية كما يدعي ريبو زيادة على ذلك لو إفترضنا أنها موجودة في الدماغ فكيف يمكن أن يتحول ما هو مادي إلى ما هو شعوري على إعتبار أنه عندما يتم إسترجاع الحادثة تصبح حالة شعورية و القرار بذلك مخالف لمبدأ الهوية فالشعور شيء معنوي فهل يمكن أن يتحول ما هو معنوي إلى ما هو مادي و ما هو مادي إلى ما هو معنوي فهذا أمر مستحيل و أيضا التفسير النفسي للذاكرة يقوم على طابع ميتافيزيقي فلسفي فهو لا يقدم لنا إجابة عن السؤال المشكل أين تحفظ الذكريات ؟ فقولهم أن الذكريات غير المستعملة تحفظ في اللاشعور قول غامض لأن فرضية اللاشعور أيضا مجرد فرضية فلسفية لم يؤكدها العلم حتى أن هناك من أنكرها جملة و تفصيلا.
* التركيب :
إن الذاكرة وظيفة عقلية معقدة يساهم في تكوينها عدة عوامل منها العوامل الذاتية المتمثلة في الجملة العصبية ( الدماغ ) و الأحوال النفسية الشعورية ( الإنفعالات ، الإهتمام ، الرغبة ... ) و التي تؤدي إلى إسترجاع الذكريات ، إضافة إلى العوامل الإجتماعية بأبعادها و أطرها المختلفة و التي تعيد بناء الذكريات بمساعدة المجتمع.
إن الذاكرة محصلة لتفاعل العوامل الذاتية ( النفسية و المادية ) و الإجتماعية فعندما نتذكر لابد من سلامة الجملة العصبية ( الدماغ ) و تدخل الجانب النفسي بشقيه الشعوري واللاشعوري كل هذا بمساعدة المجتمع مثل ذلك أن حفظ النشيد الوطني الجزائري يكون بالإستعانة بالذاكرة المادية عن طريق ترديده مرات كثيرة حتى حفظه و من ثمة يصير غناءه كل صباح في بداية اليوم الدراسي بالإستعانة بالذاكرة النفسية إذ يسترجع دفعة واحدة و إن عجز فرد عن إسترجاعه ساعده بقية التلاميذ في ذلك عن طريق الذاكرة.
* الخاتمة ( حل المشكلة ) :
ومن كل ما سبق من تحليل نستنتج أن الذاكرة ليست ظاهرة إجتماعية فقط وإنما هي وظيفة عقلية و نفسية معقدة يساهم في تركيبها عدة عوامل منها العامل الفردي بأبعاده النفسية والعقلية والبيولوجية والعامل الاجتماعي و ما يتضمنه من أطر و قيم اجتماعية ومنه يمكن القول أن الذكريات تتكون بفضل التأثيرات النفسية و المادية و الاجتماعية حيث لا يمكن فصل عامل عن الآخر.