الوحدة 20:
الحقوق المدنية في القرآن الكريم.
أوّلا: مفهوم الحقوق المدنية:
هي تلك المصالح والمنافع المستحقة شرعا، التي تحمي الأفراد في المجتمع، وتحفظ لهم حقهم في المشاركة في مجتمعهم ودولتهم دون أي تمييز أو تفرقة فيما بينهم.
ثانيا: أهمية الحقوق المدنية في الإسلام:
1-حفظ عبودية الإنسان لله: حرّر الله الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وألزمه بالإيمان به وطاعته وأمره بالابتعاد عن ظلم أخيه كل ذلك من أجل تحقيق الغاية من الوجود وهو خلافته في أرضه وتعميرها بالخير والصلاح.
2-رعاية الكرامة الإنسانية: الإنسان مكرم بغض النظر عن لونه وجنسه ومعتقده. لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"، ومن الواضح أنّ هذا التكريم لا يترجم إلا برعاية حقوقه التي فطره الله عليها وأحوجه إليها.
3-كفالة متطلبات الحياة السعيدة: كفل الإسلام للإنسان جميع حقوقه وحرّم التعدي عليها حتى يعيش معززا كريما سعيدا. قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَٰلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
2-الحق في التّعلّم:
لكل إنسـان حق التعـلم وتنميـة أفكـاره وتطـويرها وتجسـيدها على أرض الـواقع
وهـذا بمحاربة الجهل والأميـة. قال تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي
خَلَقَ" (العلق). قال تعالى:"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" (الزمر:09)، ولقوله أيضا:
"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
وقال صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ
مُسْلِمٍ"
3-الحق في الحرّية:
الحرية هي الإباحة التي تمكّن الإنسان من الفعل المعبر عن إرادته فلا يجوز
لأحد كائناً من كان استعباد واسترقاق غيره. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". كما لا يجوز للإنسان التنازل
عن حريته وكرامته.
ومن الحرية حرية الرأي والتفكير:
فقد أعطى الإسلام للإنسان الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية وفق مبدأ الشورى
لقوله تعالى: "وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ
بَيْنَهُمْ" وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقديم النصيحة...وبهذا أعلى
الإسلام من شأن العقل في مجال البحث والإبداع بكل حرية شريطة عدم تجاوز الخطوط
الحمراء كالمساس بمقدسات الإسلام. قال تعالى: "قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ
لَّا يُؤْمِنُونَ".
4-الحق في الملكية والتصرّف فيها:
للإنسان حق التملك عن طريق الكسب الحلال الذي لا يقوم على الاستغلال. فالملكية
حق مشروع لكل إنسان في الحدود التي لا يعود فيها بضرر على العموم لقوله تعالى:
"لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا
اكْتَسَبْنَ" (النساء: 32) لذلك يمكن له أن يتصرف في ما يملك كيفما شاء بالوصية
والصدقة والهبة. قال تعالى: "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"
5-الحق في العمل: من حق الإنسان ممارسة أي عمل مشروع فكري أو جسمي يضمن منه قوته. قال تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".