الوحدة 15:
الحرية الشخصية ومدى ارتباطها بحقوق الآخرين.
أولا: نص الحديث:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ
وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ
بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي
أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ,
فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ
فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ
أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) (رواه البخاري).
ثانيا: التعريف بالصحابي راوي الحديث:
|
اسمه ونسبه |
-النّعمان بن بشير بن سعد.
-خزرجي، أنصاري.
-يكنى بـ:أبي عبد الله. |
|
مولده ووفاته |
-هو أول مولود للأنصار، ولد بعد أربع أشهر من الهجرة.
-توفي بالشام 64هـ. |
|
فضائله |
-كان شاعرا وخطيبًا.
-كان واليا على الكوفة وحمص.
-روي له 114حديثا. |
ثالثا: شرح المفردات:
|
الكلمة |
معناها |
|
القائم على حدود الله
الواقع فيها
استهموا
خرقنا
نصيبنا
أخذوا على أيديهم |
الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، و"حدود الله" هي المحرمات.
العاصي (المرتكب للمنكرات).
اقترعوا فيما بينهم.
ثقبنا.
حقنا.
أي منعوهم. |
رابعا: المعنى الإجمالي للحديث:
في الحديث بيان لأحوال الناس: فمنهم عاص ومنهم طائع، وبيان لوجوب نصح العاصي
وردعه اذا أوقع ضررا أو فعل منكرا، لأن الهلاك سيقع على الجميع.
خامسا: الإيضاح والتحليل:
1-مفهوم الحرية الشخصية:
هي قدرة الفرد على اتّخاذ قراراته وتحديد خياراته بنفسه دون التعرّض للإجبار أو الضغط من أي جهة خارجيّة.
2-ضوابط الحرية الشخصية:
حرية الإنسان في الإسلام "تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين" لذلك وضع الإسلام
لها ضوابط، نذكر منها:
*أن لا تخالف نصًّا شرعيا:
وذلك بعدم التعدّي على ثوابت الدين أو المجاهرة بالفواحش والمعاصي والعمل على نشرها بحجة التحرر الفكري
والانفتاح.
*أن لا تلحق ضررا بالآخرين:
لا يجوز للإنسان باسم الحرية الشخصية أن يضر بالآخرين أو يلحق الأذى بهم،
ومن أمثلة ذلك فتح نافذة في جدار بيته، ليتطلع على عورات جاره أو كالتدخين في
الأماكن العامة.
*أن ترتبط بالمسؤولية:
الحرية الشخصية لا تعني انعدام المسؤولية، فالإنسان مسؤول عن نفسه وخياراته،
وعليه تحمّل عواقب ما يصدر عنه.
3-مسؤولية تغيير المنكر:
أوجب الشرع الحنيف على المسلمين الأمر بالمعروف إن ظهر تركه، والنهي عن المنكر
إن ظهر فعله، وبهذا يحفظ توازن المجتمع واستقراره. قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران: 110).
4-مراتب تغيير المنكر:
إن تغيير المنكر في الإسلام يكون حسب استطاعة الشخص ومكانته لقوله صلى الله
عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ, وَذَلِكَ
أَضْعَفُ الْإيمَانِ) (رواه مسلِمٌ).
أ-باليد:
وذلك بالقوة عن طريق الحاكم الذي بيده الأمر والنهي ويستطيع أن يزيل المنكر
فإزالته فرض عين عليه.
ب-التغيير باللسان:
ويكون بالإرشاد والتوجيه والوعظ عن طريق التخويف بالله تبارك وتعالى والتحذير
من مغبة إتيان هذا المنكر أو الإصرار عليه، قال تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً
لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه: 44).
ج-القلب:
معناه مقت المنكر وكرهه والاشمئزاز منه، وهذه الرتبة يقدر عليها كل مسلم في كل
زمان ومكان، وشرطها عدم الرضا والشعور بالسخط على المنكر وأهل المنكر، وأدنى
درجات هذه الرتبة اعتزال المنكر والابتعاد عنه.
5-من شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
-أن يكون متفقا عليه على أنه منكر غير مختلف فيه.
-أن يكون ظاهرا وليس عن طريق التجسّس والبحث.
-أن لا يؤدي إلى منكر أشدّ منه.
سادسا: الأحكام والفوائد:
الأحكام:
·
وجوب الالتزام بحدود الله.
·
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
·
استحباب ضرب الأمثال للتربية والتعليم.
·
جواز (مشروعية) الاقتراع.
الفوائد:
·
حرية الإنسان مقيدة باحترام حقوق الآخرين.
·
دفع المضار أولى من جلب المصالح.
·
المصلحة العامة أولى من المصلحة الخاصة.
· حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الاخرين.
