الوحدة 18:
من أحكام الأسرة:
العدة وأحكامها.
أولا:
تعريف العدّة:
أ-لغة:
هي مصدر عَدّ يَعُدّ عداً وعِدّةً، وتجمع على عِدَد وهي بمعنى
الإحصاء والحساب.
ب-اصطلاحا: هي مُدَّة حددها الشَّرع، تقضيها المرأةُ دون زواج بعد طلاقها أو وفاة زوجها.
ثانيا: حكمها:
واجبة على كل مُفارقة لزوجها بوفاة أو طلاق.
دليلها:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)
ولقوله أيضا: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ
قُرُوءٍ)
ولقوله أيضا: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ
يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ).
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم لفاطِمةُ بنتُ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عنها:
(اعتدِّي في بيتِ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ).
كما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما: أن عدّة المتوفى عنها
زوجها الحامل تكون أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ، والأجلان هما: الأربعة أشهر أو وضع
الحمل.
وأجمع العلماء على وجوب العدة على المرأة.
ثالثا: الحكمة من تشريعها:
أ-في الطلاق البائن:
هو معرفة براءة الرحم للتأكد من أنّ المرأة ليست حاملا من زوجها الأول لئلا
تختلط الأنساب، من أجل ذلك لم تشرع العدة على المرأة المطلقة التي لم يدخل بها
زوجها.
ب-في الطلاق الرجعي:
إضافة إلى ما سبق فالعدة فرصة لهدوء الأعصاب وذهاب الغضب وزوال التوتر، فإذا
تحقق هذا أمكن للزوجين أن يتراجعا.
ج-في عدة الوفاة:
إضافة إلى ما سبق في عدة الطلاق البائن، فعدّة الوفاة احترام لمشاعر زوجة فقدت
أقرب مخلوق إليها، فكان تشريع العدة تقديرا لموقفها وفسحة زمنية حتى يخف وقع
المصاب على نفسها.
رابعا: أنواع العدّة:
1-عِدة المطلقة التي تحيض: عدّتها ثلاتة قروء (أي ثلاثة أطهار) لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ).
2-المرأة التي لا تحيض:
عدتها ثلاثة أشهر، لقوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن
نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي
لَمْ يَحِضْنَ).
3-عدّة الحامل:
عدتها بوضع حملها، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها، لقوله تعالى:
(وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
4-عدة الوفاة:
عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، من يوم وفاة زوجها، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
وفي السنة: عَنْ أُمِّ حَبِيبةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحِلُّ لامْرأَةٍ تُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ
لَيَالٍ،إِلاَّ عَلى زَوْجٍ أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
5-عدة المطلقة قبل الدخول:
لا عدة لها، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ
مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)
ملاحظة: المرأة التي تزوجت زواجا صحيحا ولم يدخل بها زوجها لا عدة لها، أما إذا مات عنها زوجها فتعتد عدة الوفاة.
خامسا: من أهم أحكام عدة الطلاق الرجعي:
*
إقامة المرأة في بيت الزوجية والنفقة عليها.
*
لا يجوز لها الزواج ولا الخطبة.
*
يحق للزوج مراجعة زوجته.
*
يجوز للزوج الدخول والخروج على الزوجة.
*
التوارث بين الزوجين.
تنبيه:
الطلاق البائن تنقطع فيه النفقة على الزوجة، ولا يُسمح فيه للمطلق طلاقا بائنا أن يدخل على الزوجة التي طلقها.
متفرقات
-المعتدة من طلاق رجعي تمكث في بيت زوجها ولا يجوز إخراجها منه، لقوله تعالى: "لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ"