بيان مرونة الشريعة من خلال تعدد مصادرها
تنوع مصادر التشريع الإسلامي التي يعتمد عليها العلماء في استنباط الأحكام الشرعية في المسائل الجديدة، يجعل الشريعة خصبة مرنة قادرة على مواكبة كل جديد، مما يضمن بقاءها صالحة لكل زمان ومكان، فمثلا المخدرات، اعتمادا على القياس عُرف حكمها، فالاجتهاد أحد عوامل المرونة والتجديد.
أولا: الإجماع
1. تعريف الإجماع
أ-لغة: الاتفاق و العزم.
ب-اصطلاحا: هو اتفاق جميع مجتهدي من المسلمين في عصر من العصور بعد
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على حكم واقعة لم يرد فيها نص شرعي.
2. حجية الإجماع:
الإجماع حجة و دليل من الأدلة الشرعية التي نعتمد عليها في استنباط
الأحكام:
أ-القرآن: قال الله تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ
نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
(النساء:115).
ب-السنة النبوية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
3. أنواع الإجماع:
أ-الإجماع الصريح: و
هو أن يدلي كل مجتهد برأيه في المسالة ليصل الجميع إلى الحكم.
ب-الإجماع السكوتي: و
هو أن يبدي بعض مجتهدي العصر رأيهم صراحة في واقعة معينة، فيعلم الباقون بذلك
فلا يظهرون معارضة ما.
4.من أمثلة الإجماع:
- إجماع الصحابة رضي الله عنهم على جمع القرآن في مصحف واحد في عهد أبي بكر.
- إجماع الصحابة رضي الله عنهم على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ثانيا: القياس:
1.تعريفه:
أ-لغة: التقدير والمساواة .
ب-اصطلاحا: إنزال حكم واقعة ورد فيها نص شرعي على واقعة جديدة لم يرد
فيها نص لاشتراكهما في علة الحكم.
2.حجيته:
القياس حجة شرعية و الدليل على ذلك ما يلي:
أ-من القرآن: قوله تعالى: "فاعتبروا يا أولي الابصار" (الحشر:
02).
حيث أمر الله بالاعتبار و القياس نوع من الاعتبار.
ب-من السنة: ورد أن امرأة خثعمية جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم و قالت له: (يا رسول: إن أبي أدركته فريضة الحج أفحج عنه؟ فقال لها: أرأيت
لو كان على أبيك دين فقضيتيه، أكان ينفعه ذلك؟ قالت: نعم. قال: فدين الله أحق
بالقضاء). (رواه الإمام مالك).
3.أركانه:
أ-الأصل (المقيس عليه): و هو ما ورد النص بحكمه.
ب-الفرع (المقيس): و هو ما لم يرد
نص بحكمه، و يراد أن يكون له حكم الأصل بطريق القياس.
جـ-الحكم: و هو الحكم
الشرعي الذي ورد به النص في الأصل، و يراد تعديته للفرع.
د-العلة (الوصف الجامع): و هي
الوصف المشترك بين الأصل و الفرع، و الذي من أجله شرع الحكم في الأصل، و بناء
على وجوده في الفرع يراد تسويته بالأصل في هذا الحكم.
4.أمثلة عن القياس :
- تحريم المخدرات قياسا على الخمر لعلة الإسكار .
- تحريم ضرب الوالدين قياسا على التأفف لعلة الإيذاء.
- تحريم العقود وقت صلاة الجمعة قياسا على البيع لعلة الإلهاء عن الصلاة .
ثالثا: المصلحة المرسلة
1.تعريفها
أ-لغة: منفعة غير مقيدة .
ب-اصطلاحا: استنباط الحكم في واقعة لا نص فيها بناءا على مصلحة، لا
دليل من الشارع على اعتبارها أو إلغائها.
- الاعتبار: أي أنه لا يوجد نص شرعي صريح يأمر بها.
- الإلغاء: أي أنه لا يوجد نص شرعي صريح يلغيها أو ينهى عنها.
2.حجيتها :
اتفق العلماء على عدم العمل بها في مجال العبادات، وسبيل العمل بها في
المعاملات.
- أن الشريعة الإسلامية في حقيقتها لو تدبرناها لوجدناها إما جاءت لجلب مصلحة و إما لدفع مفسدة.
- أن الحوادث تتجدد و المصالح و النصوص محدودة و العمل بالمصلحة المرسلة يجعل الشريعة مرنة صالحة لكل زمان و مكان.
- عمل الصحابة، كجمع أبي بكر الصديق للقرآن لوجود مصلحة.
3.شروط العمل بالمصلحة المرسلة
- أن تكون موافقة لأحكام الشريعة و ألا تعارض دليلا.
- أن تكون عامة لا شخصية .
- أن تكون مصلحة حقيقية واضحة أي ليست متوهمة، فلا يعقل تحريم السيارات بحجة أن حوادثها تؤدي إلى القتل.
4.أمثلة عن المصلحة المرسلة
- جمع الصحابة للقرآن في مصحف.
- توثيق عقود الزواج بوثيقة رسمية .
- وضع قوانين للمرور.